وإنني إذ أُقدِّم الرسالة لتكون -إن شئتم- ورقة عمل لدراسة أسباب الأزمة وطبيعتها لأضع أيضاً بعض العناصر المهمة بين أيديكم، وقد وردتني في شكل تساؤلات من كثير من المخلصين، وعلى ضوئها وعلى ضوء ما تعلمونه من شروط الفقهاء لجواز الاستعانة بالكفار (مثل أن يُؤمَنَ غدرهم، وأن يكون حكم الإسلام هو الظاهر عليهم، وأن نستطيع مقاومة الفريقين لو اتفقا علينا، أو أن تقتصر الاستعانة على الخدمة ويكونوا للمسلمين كالكلاب....) نستطيع الوصول إلى الحقيقة التي تبرأ بها الذمة إن شاء الله:
1- هل من الاستعانة أن يكون المُستعانُ به جيوشاً غفيرة وراياتٍ كثيرة لدول عظمى طامعة تتحين الفرصة لاقتحام المنطقة منذ سنين ويصبح عددهم ثمانية أضعاف الجيش المُستعين، أما العدة والآلة فلا نسبة بين الفريقين فيها!
2- هل من الاستعانة أن يُصبح زعيم الجيوش المتحالفة -بوش- وهو صاحب الأمر والنهي في القضية سلماً أو حرباً إن شاء وأن يرفض التنازل مطلقاً مع رضى صاحب القضية -آل الصباح- به وكذا غيره من حكام المنطقة، وربما قَبِلَ الصلح مطلقاً مع صدام؟
3- كيف نوافق بين تقييد الضرورة زماناً ومكاناً وكماً وكيفاً وبين الواقع؟
فمن جهة الزمن: لا تحديد لهم ولا يحده إلا هم، والناس يعلمون أن الأمريكان يستأجرون المجموعات السكنية وغيرها بعقود طويلة، هذا مع قولهم: (إن الحرب قد تنشب).
ومن جهة المكان: هل تركوا مطاراً أو قاعدة عسكرية لم ينزلوها؟
ومن جهة الكم: يسمع الناس كلهم أنهم كل يوم في ازدياد ألوفاً مؤلفة، والأمريكان وحدهم سيزيدون عن 400.000؟
ومن جهة الكيف: هم أصحاب القضية وبيدهم زمام الموقف، فلا يُقال لهم: كيف! بل لا ندري أيقبلون أن يستعينوا بالجيوش العربية ولو في بعض الأمور أم لا؟
4- هل من الاستعانة أن يكون الجندي المسلم شبه أعزل، والجندي الكافر المستعان به مدججاً بأحدث الأسلحة من رأسه إلى أخمص قدميه، وتُحسب الرصاصات على المسلم كلما دخل أو خرج؟
5- هل من الاستعانة أن يتحقق ما خطط له الأمريكان منذ عشر سنوات وهو أن يكون للقوات السعودية والأمريكية قيادة مشتركة ونظام اتصال موحد ونظام إنذار مبكر موحد؛ بحيث أصبحتا وكأنهما شخصية معنوية واحدة؟
6- هل من الاستعانة أن تقوم الجيوش المستعان بها بعمل المتاريس والاستحكامات على المنشآت البترولية وشبهها ويبنون قواعد عسكرية داخل المدن، ولسان حالهم يقول: إنما نحرسها من أهلها؟ ولا يَهُمُّنَا من البلد إلا هيَ؟
7- هل من الاستعانة ما صرحت به بعض دول الحلفاء الكبرى كـفرنسا وروسيا من أنها لن تدخل الحرب إلا بموافقة مجلس الأمن الدولي؛ أي دون النظر إلى رغبة دول المنطقة ورأيها؟
8- هل من الاستعانة أن يصرح المُستعان به بأن مهمته هي تغيير البلد المسلم المستعين لتُصبح حياته على النمط الغربي سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وخاصة ما يتعلق بالمرأة؟ واسمعوا إن شئتم إذاعة صوت أمريكا واقرءوا صحفها كل يوم تقريباً؟
9- هل من الاستعانة أن تأتي إلى بلادنا جيوش لم نطلب نحن مجيئها وعونها وإنما طلبتها أمريكا، حتى إن الدولة التي تتلكأ تؤنبها أمريكا والدولة التي تريد سحب جيوشها أو تبديلها تستأذن أمريكا؟
10- هل من الاستعانة أن يكون من أغراض نزول القوات المستعان بها في أرض الإسلام حماية أمن دولة اليهود كما صرح بذلك زعماء أمريكا (وللعلم نقول: أن القائد العام لجيوش التحالف- نورمان شوار سكوف- يهودي!!)
11- هل من الاستعانة أن تطالعنا صحافة الدولة المستعان بها كل يوم بانتقاص هذه البلاد وتحقيرها والسخرية من دينها وشعوبها وعلمائها وحكامها وهو ما لم تكن تفعله بهذه الكثرة من قبل (ومن ذلك ما نشرت التايم في 3 سبتمبر الماضي من أنهم علقوا شعاراً على أحد الخطوط السريعة في أمريكا يقول: ''خذوا بترولهم واضربوا أدبارهم'' .
12- أيعقل أن يكون موقفنا أمام صدام أضعف من موقف إخواننا المجاهدين الأفغان أمام الروس، ونحن أثرى بلد في العالم، وشعبنا معدن الشجاعة في الدنيا وأرضنا قارة؟
هذا وصدام لم يهاجمنا؛ بل هو يردد أنه لم يفكر في ذلك، أما الروس فقد ملكوا البلاد كلها بالفعل، وحاربوا بأسلحة الدمار المحرَّمة دولياً بكل أنواعها -ماعدا النووي منها- وكان مصيرهم ما يعلمه العالم كله؟
13- لقد استطاع المجرم صدام بناء أسوار هائلة من الرمال والحواجز والألغام تجعل اختراق الدبابات الأمريكية المتطورة صعباً للغاية- أكان يعجزنا أن نفعل مثله لنصد به دباباته؟ أما سلاح الجو فأستطيع الجزم بتفوق جيشنا فيه.
14- ألم تستسلم عشرات الدبابات العراقية للمملكة ولولا الحواجز لتدفق المزيد؟
فلوكنا صادقين مع الله معادين لأعداء الله فاضحين لـحزب البعث مواسين لإخواننا المسلمين في العراق فيما يعانونه لاطمأنوا لنا، ولما كان دخولهم حدودنا لو أمر به صدام إلا استسلاماً لنا، بل ربما حولناهم إلى فاتحين للعراق محررين له من الكفر البعثي؟
15- وأخيراً نسأل: أليس وقوع ما حذر منه الناصحون وأخبر به الصادقون كما حذورا وأخبروا دليلاً على أن الرائد لا يكذب أهله؟ فلماذا لا يتاح لهم فرصة المزيد من النصح والتحذير؟